Wednesday 22 June 2011

البحث في علم البيان

1.   قول الشاعر:
كأَنَّمَا الشِّعْراتُ البِيْضُ طَالِعَةً    فِيْ مَفْرَقيِ أَنْجُمٌ أَشْرَقْنَ فيِ الظُّلَمِ

قال أبو الطيب المتنبي:
الوَجْهُ مِثْلُ الصُّبْحِ مُبْيَضٌّ        والشعر شبه الليل مُسْوَدٌ

شبه الشاعر في البيت الأول الشعرات البيض بأنجم. ووجه الشبه هنا محذوف، تقديره الضياء. من هذا، نستطيع أن نقول هذا البيت يصور أبلغ تصوير شدة الشعرات البيض بأنجم الذي ظهرت وأشرقت في ليل مظلم. يصور الشاعر ألوان الشعرات البيض كأنجم الذي أشراق وظهرت ليلا.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر الوجه بالصبح والشعر بالليل. هذا بمعنى قد يحاول الشاعر أن يصور ألوان أو الصفات جزء من جسم الإنسان يعني الوجه بالصبح في صفته مبيض ودائما في ضياء مثلما في وقت النهار. ومع ذلك، قد شبه الشاعر الشعر بالليل لدلالة على أن لون الشعر شديد مسود الذي لم يستطيع الإنسان أن يروا شيئا في ليل بهيم كما صفته الشعر في السواد. من ذلك، نفهم أن هذا التشبيه مبني على الحس، يدرك الناس بإحدى الحواس الخمس الظاهرة والملاحظة الخارجية.

والإبداع في رأي أقوى في البيت الأول لأن استخدام أنجم مشبها به للشعرات البيض، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.

2.   قال الشاعر:
أنت نجم في رفعة وضياء        تجتليك العيون شرقا وغربا

قال السَّرِّيُّ :
وكأن الهلال نون لجين           غرقت في صحيفة زرقاء

شبه الشاعر في البيت الأول الرجل الكريم بالنجم. في هذا البيت، يصور الشاعر أبلغ تصوير علو المكانة والتعظيم للشخص المعروف بالنجم. شبه الشاعر أيضا صفته الكرم يستطيع أن يجعل الناس أن يحترم له والمعروف لدى الناس في كل أنحاء العالم. ووجه الشبه هذا الرفعة والضياء الموجود في الحالتين وهو مذكور بوضوح في هذا البيت.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر الهلال الذي ظهر في السماء الزرقاء وقت النهار بالنون المصنوعة من اللجين وقد غرقت على صحيفة الزرقاء. وهذا التشبيه مبني على الحس، يدرك الناس بإحدى الحواس الخمس الظاهرة والملاحظة الخارجية. إنما يهتم الشاعر بالناحية الشكلية فقط.

والإبداع في رأي أقوى في البيت الأول لأن استخدام النجم مشبها به لرجل الكريم، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.

3.   قال المعرى في المديح:
أنت كالشمس في الضياء وإن   جاوزت كيوان في علو المكان
قال الشاعر:
كأنما الماء في صفاء     وقد جرى ذائب اللجين
       
شبه الشاعر في البيت الأول الرجل الكريم بالشمس. المعنى هنا، قد يصور الشاعر مرتبة الرجل الكريم بموقع الشمس الذي دوما في مكان عال. عرف الشاعر أن الصفة الضياء والإشراق فلم يجد أقوى من الشمس. وهذا المماثلة لصفة الكريمة التي تدل على علو المكان لشخص المعروف والكريم.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر الماء فيه صفة الصفاء بذائب اللجين. هذا بمعنى قد يحاول الشاعر أن يصور حال الماء الذي يصفو بحالة الفضة التي سريع الذوبان. فرأى أن الفضة الذائبة تتجلى فيها هذه الصفة فماثل بينهما. وبين هذه المماثلة بالحرف (كأن).

والإبداع في رأي أقوى في البيت الثاني لأن استخدام ذائب اللجين مشبها به لماء فيها صفاء، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.

4.   قال الشاعر:
أنت كالليث في الشجاعة والإقدام والسيف في قراع الخطوب
قال الشاعر:
كأن أخلاقك في لطفك        ورقه فيها نسيم الصباح

        شبه الشاعر في البيت الأول الشجاعة بالليث والمصارعة الشدائد بالسيف. هذا التشبيه يصور أبلغ تصوير صفة الشجاعة بصفة أقوى من الأسد الذي كما نعلم الأسد من الحيوان المفترس حيث في الغالب دائما يشبه هذه الحيوان بصفة القوة والجرأة والشجاعة. وأيضا رأى الشاعر ممدوحة متصف السيف بصفة قوى وهو بمصارعة الشدائد. وهذان صفتان في الحالتين مذكور بوضوح في هذا البيت.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر  أخلاق صديقه بنسيم الصباح. هذا بمعنى قد يصور الشاعر صفة لطيفة التي ترتاح في نفس صديقه مثل نسيم الصباح. هذه الصفة اللطيفة مثل نسمت الريح صباحا.

والإبداع في رأي أقوى في البيت الثاني لأن استخدام نسيم الصبح مشبها به لأخلاق اللطيف، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.

5.   قال الشاعر:
أنا كالماء إن رضيت صفاء      وإذا ما سخطت كنت لهيبا
قال الشاعر:
سرنا في ليل بهيم        كأنه البحر ظلاما وإرهابا

شبه الشاعر في البيت الأول حال رضاه بالماء الصافي الهادئ، وفي حال غصبه بالنار الملتهبة، فهو محبوب مخوف. من هذا الشعر، نفهم أن الشاعر قد يصور حاله في السرور وعندما له اطمئنان وله كالماء هادئ وصفاء. وعندما غصبه، فإنه كالنار الذي يستعر لهيبها وتسبب الأذى.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر الليل في الظلمة والإرهاب بالبحر. قد يصور الشاعر حالة الخشية والإرهاب عندما في ليل مظلم  بالبحر. المشبه به هنا هو البحر، الذي كما نعلم عندما في وقت الليل، كان بحر متموج وله أخطار كثير في ليل سواد. هذه حالة الظلمة في ليل بهيم مذكور بوضوح في هذا البيت ويصوره الشاعر أبلغ تصوير له.

والإبداع في رأي أقوى في البيت الأول لأن استخدام ماء الصفاء مشبها به لحال الرضا والنار مشبها به لغصب الشخص، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.

6.   قال ابن الرومى في تأثير غناء مغن:
فكأن لذة صوته ودبيبها         سنة تمشى في مفاصل نعس
قال الشاعر:
هو بحر السماح والجود فازدد   منه قربا تزدد من الفقر بعدا

شبه الشاعر في البيت الأول حسن صوت مغن وجميل إيقاعه، حتى كأن لذة صوته تسرى في الجسم كما تسرى أوائل النوم الخفيف فيه. من هذا البيت، قد يصور الشاعر أبلغ تصوير صوت المغن الرخيم والجميل حتى يستطيع أن يثير النفس. هذا صوت الرخيم يعطي الناس الشعور بإطمئنان وهادئ كأن تسرى في الجسم وتسرى أوائل النوم الخفيف فيه.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر ممدوحة بالبحر في الجود والسماح، وينصح للناس أن يقتربوا منه ليبتعدوا من الفقر. من هذا نستطيع أن نقول إذا يتحلى الإنسان بصفات الحسنة، أنهم كالبحر في الكرام والسماح. هذا البيت أيضا يعطي للناس التحذير عن ابتعد عن الفقر.
  
 والإبداع في رأي أقوى في البيت الأول لأن حال صوت مغن تسرى في الجسم كما تسرى أوائل النوم الخفيف فيه مشبها به لحال حسن صوت مغن ، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.

7.   قال النابغة الذبياني:
كأنك شمس والملوك كواكب    أذا طلعت لم يَبْدُمِنْهُنَّ كوكب
وقال المتنبي في وصف أسد:
ما قوبلت عيناه ظُنَّتا    تحت الدجى نار الفريق حلولا

شبه الشاعر في البيت الأول ممدوحة بالشمس ويشبه غيره من الملوك بالكواكب. من هذا البيت، قد يصور الشاعر الإنسان القادر بالشمس. فأراد أن يأتي له بمثيل تقوى فيه الصفة، وهى دوما إشراق وفي مكان عال، فلم يجد أقوى من الشمس، مثلما سطوة الممدوحة تغض من سطوة كل ملك كما تخفى الشمس الكواكب فهو يريد أن يبين حال الممدوح وحال غيره من ملوك.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر عينى الأسد بالنار. بيت المتنبي يصف عينى الأسد في الظلام بشدة الاحمرار والتوقد حتى إن من يراهما من بعد يطنهما نارا لقوم حلول مقيمين، فهو محبوب مخوف.

والإبداع في رأي أقوى في البيت الثاني لأن استخدام النار مشبها به لعينى الأسد ، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.

8.   قال محمد بن وهيب الحميري:
وبدأ الصباح كأن غرته وجه الخليفة حين يمتدح
وقال البحترى:
كأن سناهابالعشى لصحبها     تبسم عيسى جين يلفظ بالوعد

شبه الشاعر في البيت الأول الصباح تشبه في التلألؤ وجه الخليفة عند سماح المديح. هذا التشبيه يصور أبلغ تصوير تباشر وقت الصباح بضياء والنور في وجه الخليفة عند الجود والسماح.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر برق السحابة بتبسم ممدوحة حينما يعد العطاء. وهذا البرق قد استمر لماعا طوال الليل. وأن المعان البرق أقوى من بريق الإبتسام. فكان المعهود أن يشبه الابتسام بالبرق. وهو من قلب التشبيه.

والإبداع في رأي أقوى في البيت الأول لأن استخدام حال ضياء وجه الخليفة عند سماح المديح  مشبها به لحال الصباح ، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.

9.   قال ابن المعتز:
وكأن الشمس المنيرة     دينار جلته حدائد الضراب
وقال الشاعر آخر:
النشر مسك والوجوه    دنانير وأطراف الأكف عنم

شبه الشاعر في البيت الأول الشمس عند الشروق ودينار مجلو قريب عهده بدار الضراب. من هذا نفهم أن الضياء والإشراق من شروق الشمس ودينار جلته كأن ضرب الحدائد. بسبب دار الضرب، قد تظهر الضوء منه. فأراد الشاعر أن يأتي له بمثيل تقوى فيه الصفة، وهي الضياء والإشراق، فلم يجد أقوى إلا من حال ضرب الحدائد، يحصل منه الضوء مثلما أيضا صفة للشمس.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر المرقش النشر، وهو طيب رائحة من يصف، بالمسك، والوجوه بالدنانير. والأنامل المخضوبة بالعنم. من هذا نفهم أن الرائحة الطيبة كالمسك يستطيع أن يثير النفس ويهدئ الناس دوما.

والإبداع في رأي أقوى في البيت الأول لأن استخدام حال ضياء وجه الخليفة عند سماح المديح  مشبها به لحال الصباح ، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.

10.     قال امرؤ القيس:
وليل كموج البحر أرخى سدوله       علىّ بأنواع الهموم ليبتلى
قال آخر:
وكأن النجوم بين دجاها       سنن لاح بينهن ابتداع

شبه الشاعر في البيت الأول الليل في ظلامه وهوله بموج البحر. أن هذا الليل أرخى حجبه عليه مصحوبه بالهموم والأحزان ليختبر صبره وقوة احتماله. هذا التشبيه قد يثير في النفس ويصور أبلغ تصوير ليل بهيم وظلامه بموج البحر الذي الصعوبة والأحزان يحتاج إلى الصبر وقوة أن يوجه المشكلة الحياة.

وفي البيت الثاني، شبه الشاعر حالة النجوم في رقعة الليل بحال السنن الدينية الصحيحة متفرقة بين البدع الباطلة. ولهذا التسبيه روعة أخرى جاءت من أن الشاعر تخيل أن السنن مصيئة لماعة، وأن البدع مظلمة قاتمة.

والإبداع في رأي أقوى في البيت الثاني لأن استخدام حال السنن الدينية الصحيحة متفرقة بين البدع الباطلة مشبها به لحالة النجوم في رقعة الليل، لا يتوصل إليه بسهولة حيث إن الصفة المشتركة بينها لا تكون ظاهرة. فعقد المماثلة بينهما يحتاج إلى تأول بعيد مثلما رأينا في شرح المعنى أعلاه.